-->
مَوْقِعُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَمْرِو بْنِ هَيْمَانَ الْمِصْرِيِّ مَوْقِعُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَمْرِو بْنِ هَيْمَانَ الْمِصْرِيِّ
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...
random

مقال بعنوان: « مَوْقِفُ السُّنِّيِّ الحَصيفِ؛ منَ التَّصوُّفِ المُحْدَثِ المُخِيفِ» للشيخ أبي عبد الرحمن عمرو بن هيمان المصري





 الصُّوفِيَّةُ المُعَاصِرَةُ

مَوْقِفُ السُّنِّيِّ الحَصيفِ؛ منَ التَّصوُّفِ المُحْدَثِ المُخِيفِ

 


كُلٌّ يعرِفُ موقفَ المُسلِمِ السُّنِّيِّ منَ الصُّوفِيَّةِ المُعَاصِرَةِ، دونَ مُمَاراةٍ ولا مُماحَكَةٍ!

 

صُوفِيَّةٌ شِرْكِيَّةٌ في أكثرِها، أَشْعَرِيَّةٌ في تَصَوُّرِها، مُرْجِئَةٌ في أَحْكامِها، مُتَراخِيَةٌ عندَ أَزَماتِ الأُمَّةِ الحَقِيقِيَّةِ.

 

تَجِدُ رَجُلًا مِنهُم مَعرُوفًا بِقَولِهِ وانْتِمائِهِ لِلتَّصَوُّفِ المَمْجُوجِ، يَقولُ:

 

إنَّ البُرْدَةَ اسمُها: البُرْءَة، وإنَّها شافِيَةٌ! يُريدُ «بُرْدَةَ البوصِيرِي» الشِّرْكِيَّةَ!

 

إنَّ الصُّوفِيَّةَ مِنَ الصَّفاءِ، لا مِن لُبْسِ الصُّوفِ!

 

وذُكِرَ عندَهُ أنَّ أبا هُرَيْرَةَ كَتَمَ عِلْمًا باطِنِيًّا، فأسْكَتَ الباطِنِيَّ ولم يُوَضِّح!

 

إنَّهُ لا يُكَفِّرُ أحدًا، ولو كانَ رافِضِيًّا يَسُبُّ الصَّحابَةَ وأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، ولو فعلَ ما فعلَ، وقال ما قالَ!

 

إنَّهُ أباحَ الصَّلاةَ في المساجِدِ الَّتي بها قُبُورٌ، بل صَلَّى بها طِوالَ عُمرِهِ!

 

إنَّهُ صَحَّحَ بَعضَ الأحاديثِ النَّبَوِيَّةِ المَوْضُوعَةِ بالذَّوقِ والوَجْدِ والوَهاجَة!

 

إنَّهُ تَرَأَّسَ عُضْوًا أَعْلَى لِلتَّنْظِيماتِ الصُّوفِيَّةِ، وثَناؤُهُ العاطِرُ غيرُ خافٍ على الشَّاذِلِيِّ، والبَدَوِيِّ، والرِّفاعِيِّ، والدُّسُوقِيِّ، معَ الاعتِرافِ بِفَضائِلِهِم.

 

إنَّهُ أباحَ السَّماعَ المُحَرَّمَ، بل سَمِعَ الأَغَانِيَ المُحَرَّمَةَ الَّتي تُغَنِّيها القَيْناتُ ما دامَتْ «إسلامِيَّة»!!

 

فَتَرى أَحَدَهُم لا يُعجِبُهُ هذا، أو لا يَعرِفُه، ويَقولُ لَكَ هذا المُغَفَّلُ مُنْكِرًا عَلَيْكَ التَّحذِيرَ مِن مَنْهَجِهِ وفِعْلِهِ:

 

أَلا تَعلَمْ أنَّهُ مُحَدِّثٌ، وعالِمٌ، شَرَحَ «صَحِيحَ البُخارِي»، ودافَعَ عن صاحِبِهِ، وحافَظَ على نُصُوصِ الصَّحِيحَيْنِ، ودافَعَ عن ابنِ تَيْمِيَّة، ومَنَعَ رِبَا البُنُوكِ إذا خالَفَ العُقُودَ الشَّرْعِيَّةَ، وأَقَرَّ حُكْمَ قَتْلِ المُرْتَدِّ بعدَ الاستِتابَةِ ، وفُلانٌ وعِلّانٌ مِنَ العُلَماءِ مِمَّن عُرِفُوا بالسُّنَّةِ قدْ وقدْ مَعَهُ، غَيْرَ ما لَهُ مِن لُغَةٍ وفَصاحَةٍ في الكَلامِ، وبَراعَةٍ في الخِطابَةِ، بل تَشْعُرُ الصِّدْقَ يَشُعُّ مِن أَلْفاظِهِ!

 

قُلتُ: يا مِسكِينُ!!

 

ما هذا إلَّا مُحَدِّثٌ لا يَلْزَمُ عَقِيدَةَ أَهْلِ الحَدِيثِ، ولا قَوْلَهُم، ولا فِعْلَهُم، ولا أَحْكامَهُم، حتَّى صُورَتَهُم ما فَعَل!

 

كَوْنُهُ كانَ عندَهُ انفِصامٌ في الشَّخْصِيَّةِ؛ فَهذا مِن تَمَيُّعِهِ؛ فلا هو قادِرٌ على الوَفاءِ بِنَهْجِ العُلَماءِ، ولا على القَولِ المُشاعِ! مِن سُوءاتِ الإِرْجاءِ .

 

وكَوْنُ الصَّوْتِ الرَّخِيمِ، والفَصاحَةِ في المَنطِقِ أَصْلًا في قَبولِ الحَقِّ؛ فَهذا دَليلٌ على جَهْلِ هؤلاءِ، وهَوىً في النَّفْسِ، فَما لَكُم لا تَتَّبِعُونَ الجاحِظَ ولا الزَّمَخْشَرِيَّ في دِينِهِما!

 

وكَوْنُ فُلانٍ وعِلّانٍ مِنَ العُلَماءِ السُّنِّيِّينَ أَرادُوا شَيْئًا مِنهُ لِحِكْمَةٍ يَرَوْنَها هُم ؛ فلا يَصِحُّ لَنا أَخْذُها أَنَّها مَنْهَجُ السَّلَفِ معَ أَهْلِ البِدَعِ المُعادِين للسُّنَّةِ وأَهْلِها.

 

وكَوْنُهُ ناظَرَ لِيُدافِعَ عن بَعضِ ثَوابِتِ الإِسلامِ؛ فَبِرَخاوَةٍ مَعْهُودَةٍ، ورُدُودٍ باهِتَةٍ، مَعْرُوفَةٍ مِن أَمْثالِهِم.

وَسُبْحَانَ اللهِ! مَن جَعَلَ كَلامَ رَجُلٍ مُشْرِكٍ، جَعَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَهًا يُدْعَى وَيُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، كَلامًا شَافِيًا يُشْفَى بِهِ، وَكَأَنَّ كَلامَ اللهِ العَظِيمِ لا يَشْفِي!

 

فَأَيْنَ ذَهَبَتْ عُقُولُهُمْ؟!

وَأَيْنَ الإِيمَانُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: ٨٢]؟

وَقَوْلِهِ: ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ﴾ [يونس: ٥٧]؟!

 

فَهَلْ يُتْرَكُ القُرْآنُ الَّذِي هُوَ شِفَاءٌ وَهُدًى وَنُورٌ، لِيُؤْخَذَ بِقَصِيدَةٍ شِرْكِيَّةٍ، لِرَجُلٍ غَلَا فِي النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى جَعَلَهُ مَفْزَعًا فِي الضَّرَّاءِ، وَمَدْعُوًّا فِي الشِّدَّةِ، وَمُسْتَغَاثًا فِي الكُرْبَةِ؟!

 

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنَ الشِّرْكِ، فَأَيْنَ الشِّرْكُ؟!

وَإِنْ لَمْ تُنْكَرْ هَذِهِ المَزَاعِمُ، فَأَيْنَ التَّوْحِيدُ؟!

وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ عَلَى أَهْلِهَا، فَأَيْنَ الغَيْرَةُ عَلَى دِينِ اللهِ؟!

 

ولا نَتَكَلَّمُ عن الدُّخُولِ في العِراكاتِ السِّياسِيَّةِ، والمَجالِسِ النِّيابِيَّةِ، ولا التَّأيِيداتِ الحُكْمِيَّةِ.

 

فاللهَ اللهَ في السُّنَّةِ يا أَهْلَ السُّنَّةِ!

عَلَيْكُم بِها وبِأَهْلِها، ونَبْذِ مَن خالَفَها، ولا يَجْعَلَنَّكُمُ الخَوَرُ العِلْمِيُّ، والضَّعْفُ العَقَدِيُّ، تَرْفَعُوا رَأْسًا لِمُبْتَدِعٍ!

 

لا تُحْفَظُ السُّنَّةُ إلَّا هَكَذا: تُنْكِرُونَ المُنْكَرَ، وتُقِرُّونَ المَعْرُوفَ، ومَن خَلَطَ بَيْنَهُما أَظْهَرَ السَّيِّئَ الَّذي فيها لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِحَقٍّ؛ فَيَضِيعَ الحَقُّ معَ الباطِلِ.

 

بل إذا تَبَيَّنَ أنَّ الباطِلَ في رَأْسٍ، قُطِعَتِ الرَّأْسُ؛ حتَّى يَمُوتَ البَاطِلُ، وأمَّا أنْ تَرْفَعُوا رَأْسًا لِباطِلٍ لِأَنَّهُ قالَ بالحَقِّ؛ فارْفَعُوا لإبْلِيسَ وفِرْعَوْنَ وأبي جَهلٍ رَأْسًا، فقدْ قالُوا الحَقَّ يَوْمًا!


كتبَ مريضًا مُقِرًّا، مُعانيًا مُقَرِّرًا:

أبو عبدِ الرَّحمنِ الجِيزيُّ

أحسنَ اللهُ عاقبتَهُ، وشفاهُ، ورفعَ قدرَهُ.

في يومِ الثلاثاءِ، الخامسَ عشرَ من ربيعِ الآخرِ سنةَ ١٤٤٧ هـ

الموافقِ للسابعِ من أكتوبرَ سنةَ ٢٠٢٥ م.

عن الكاتب

أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَــنِ عَمْرُو بْنُ هَيْمَانَ الْمِصْرِىُّ

أسعد بإثبات حضوركم بجميل تعليقكم

التعليقات